الهاتف نعمة من نعم الله تعالى في هذا العصر،فلقد طوى مساحة الأرض في لمح البصر ، ولقد وفر خدمة للمسؤول
ولصاحب العمل ورب الآسرة وغيرهم للاتصال السريع وإنجاز العمل وقضاء الحوائج المختلفة ووفر عليهم الجهد والوقت
إلى غير ذلك من المعطيات المفيدة لهذه الجهاز، ولكن المشاهد لاستخدامات بعض الناس لهذا الجهاز المفيد ، يلاحظ أمورا
وتصرفات تبتعد عن الأدب الإسلامي والذوق العالي الرفيع ، وهذه بعض الصور والمواقف على سبيل المثال لا الحصر:
• ليس من اللائق استعمال الجوال واستقبال مكالماته في المقابر أثناء اتباع الجنائز حيث تقف بين القبور وقد علا صوتك
وترددت ضحكاتك والناس من حولك يخيم عليهم الهدوء والسكنية من هول الموقف. حينها سترى أن أصابع الحضور
وعيونهم تتجه إليك مستهجنة ومستنكرة لهذا الموقف الغريب في وقت تئن فيه القلوب وتذرف الدموع.
• وأحياناً يتصل رجل ذو مكانة ومنزلة ووجاهة في المجتمع، إما لعلمه أو لسنه أو لقرابته، ثم يرد عليه طفل يسيء الأدب
معه، وربما تلفظ بألفاظ لا تليق بمقامه، فمن يتحمل كل هذه الأخطاء؟ قد تقول لي: هذا طفل، نقول نعم طفل، لكن لو أحسنت
تربيته وتوجيهه وتعليمه، ودربته تدريباً جيداً على استخدام الهاتف، واختبرته في ذلك لتعلم وأجاد، وخلاصة الكلام عن
الأطفال، إما أن يمنعوا من مس جهاز الهاتف، أو يُعلموا تعليماً جيداً.
• وقد يزورك زائر أو تلتقي بأحد الناس،فلا يلبث إلا قليلاً حتى تمتد يده إلى هاتفك قائلاً:تسمح لي بالهاتف،فتقول له
تفضل!فيبدأ حديثه بالسؤال عن أفراد الأسرة والأقارب،ثم يمضي في تبادل الحديث الطويل معهم ويختم الحديث المسهب
بكلمات قليلة هي بيت القصيد!وكان يمكن أن يكتفي بها فلا يطيل. ومن الذوق الرفيع إذا اتصلت ببيت أخ لك ولم تجده
وأردت إخبار أهله فاذكر اسمك وكنيتك مثلاً حتى لا يلتبس الأمر عليهم ،ويقعوا في الحرج.
• وليس من اللائق بك أن تستغل هاتف العمل لمصالحك الشخصية، خصوصاً تلك المكالمات المرتفعة الرسوم، وبالأخص ما
كان لخارج المنطقة، دون إذن صاحب العمل. وكذلك لا يجوز لك أيها الموظف أن تتحدث بالهاتف أثناء العمل لعدة ساعات
وإن كان يعلم صاحب العمل، في مقابل تعطيل المراجعين وتأخير معاملات الناس.
• بعض الناس لا يغلق هاتفه عند الدخول إلى المسجد بل يتركه مفتوحاً يستقبل المكالمات،فتسمع جرسه يدق بالموسيقى
والنغمات المتنوعة بين الصفوف ،فيتسبب ذلك بإزعاج المصلين ويفسد عليهم خشوعهم، وحضورهم الذهني في صلاتهم، لأن
مجيء المسلم إلى المسجد يتطلب تفرغاً جسمياً وذهنياً للفرض الذي جاء ليؤديه.
• والبعض يستعمل الجوال أثناء الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، علماً بأن مثل هذه المواقع تحتاج إلى الهدوء والسكنية
والتفرغ وإتاحة الفرصة للآخرين رؤساء ومرؤوسين ليناقشوا أمورهم،ويتخذوا قراراتهم في جوٍّ مفعم بالهدوء، فيأتي البعض
فيزعج الآخرين بمكالمات لا تعنيهم ،وقد لا تكون ذات جدوى أو ضرورة.
• الأليق بنا كمسلمين أن نستخدم الألفاظ الشرعية في أحاديثنا خصوصاً عند أول رفع سماعة الهاتف، فنبدأ بالسلام، بدل
الألفاظ الأجنبية، ونربي أولادنا على ذلك. ومن الذوق الرفيع التأكد من الرقم الصحيح، قبل الاتصال ليقل خطأك، ولو
أخطأت في الرقم، فاعتذر بأسلوب طيب ومناسب.