!! كيف نصنع من الطفل رجلا !!
كيف ننمي عوامل الرّجولة في شخصيات أطفالنا !!
أولا : التكنية
أكنيه حين أناديه لأكرمه .. ولا أناديه بالسوءة اللقب
مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأمّ فلان ينمّي الإحساس بالمسئولية
.. ويشعر الطّفل بأنّه أكبر من سنّه فيزداد نضجه .. ويرتقي بشعوره عن
مستوى الطفولة المعتاد .. ويحسّ بمشابهته للكبار
وقد كان النبي يكنّي الصّغار
فعن أنس رضي الله عنه قال : كان النّبيّ أحسن النّاس خلقا .. وكان لي أخ
يقال له أبو عمير قال : أحسبه فطيما وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير .. ما
فعل النّغير !! .. ( طائر صغير كان يلعب به )
[رواه البخاري: 5735]
وعن أمّ خالد بنت خالد قالت : أتي النّبيّ بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة ( الخميصة ثوب من حرير ) فقال : من ترون أن نكسو هذه؟
فسكت القوم .. قال: ائتوني بأمّ خالد .. فأتي بها تحمل ( وفيه إشارة إلى
صغر سنّها ) .. فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال : أبلي وأخلقي .. وكان
فيها علم أخضر أو أصفر فقال : يا أمّ خالد .. هذا سناه وسناه بالحبشيّة حسن
[رواه البخاري: 5375]
وفي رواية للبخاري أيضا : فجعل ينظر إلى علم الخميصة ويشير بيده إليّ ويقول : يا أمّ خالد .. هذا سنا والسّنا بلسان الحبشيّة الحسن
ثانيا : أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار
وهذا مما يلقّح فهمه ويزيد في عقله ويحمله على محاكاة الكبار ويرفعه عن
الاستغراق في اللهو واللعب .. وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس
النبي ومن القصص في ذلك : ما جاء عن معاوية بن قرّة عن أبيه قال : كان
نبيّ اللّه إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه
من خلف ظهره فيقعده بين يديه .. الحديث
[ رواه النسائي وصححه الألباني في أحكام الجنائز ]
ثالثا : تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين
والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين
لتعظم الشجاعة في نفوسهم .. وهي من أهم صفات الرجولة
وكان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان أشهد أحدهما بعض المعارك ..
وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن
عروة بن الزبير أنّ أصحاب رسول اللّه قالوا للزّبير يوم اليرموك : ألا
تشدّ فنشدّ معك؟ .. فقال: إنّي إن شددت كذبتم .. فقالوا : لا نفعل .. فحمل
عليهم ( أي على الروم ) حتّى شقّ صفوفهم فجاوزهم وما معه أحد .. ثمّ رجع
مقبلا فأخذوا ( أي الروم ) بلجامه ( أي لجام الفرس ) فضربوه ضربتين على
عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر
قال عروة : كنت أدخل أصابعي في تلك الضّربات ألعب وأنا صغير .. وقال عروة
: وكان معه عبد اللّه ابن الزّبير يومئذ وهو ابن عشر سنين فحمله على فرس
ووكّل به رجلا
[رواه البخاري: 3678]
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : وكأن الزبير آنس من ولده عبد الله
شجاعة وفروسية فأركبه الفرس وخشي عليه أن يهجم بتلك الفرس على ما لا يطيقه
.. فجعل معه رجلا ليأمن عليه من كيد العدو إذا اشتغل هو عنه بالقتال
وروى ابن المبارك في الجهاد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن
الزبير أنه كان مع أبيه يوم اليرموك .. فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز
على جرحاهم .. ( وقوله : يجهز ) أي يكمل قتل من وجده مجروحا .. وهذا مما
يدل على قوة قلبه وشجاعته من صغره
رابعا : إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالسومما
يوضّح ذلك الحديث التالي : عن سهل بن سعد قال : أتي النّبيّ بقدح فشرب منه
وعن يمينه غلام أصغر القوم والأشياخ عن يساره فقال : يا غلام .. أتأذن لي
أن أعطيه الأشياخ ؟ .. قال : ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول اللّه
فأعطاه إيّاه
خامسا : تعليمهم الرياضات الرجولية
كالرماية والسباحة وركوب الخيل
وجاء عن أبي أمامة بن سهل قال : كتب عمر إلى أبي عبيدة بن الجرّاح أن علّموا غلمانكم العوم
[ رواه الإمام أحمد في أول مسند عمر بن الخطاب ]
سادسا : تجنيبه أسباب الميوعة
فيمنعه وليّه من رقص كرقص النساء وتمايل كتمايلهن ومشطة كمشطتهن ويمنعه من لبس الحرير والذّهب
وقال مالك رحمه الله : وأنا أكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذّهب لأنّه
بلغني أنّ رسول اللّه نهى عن تختّم الذّهب .. فأنا أكرهه للرّجال الكبير
منهم والصّغير
سابعا : إشعاره بأهميته وتجنب أهانته خاصة أمام الآخرين
ويكون بأمور مثل
( 1 ) إلقاء السّلام عليه
وقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول اللّه مرّ على غلمان فسلّم عليهم
[ رواه مسلم: 4031 ]
( 2 ) استشارته وأخذ رأيه
( 3 ) توليته مسئوليات تناسب سنّه وقدراته
( 4 ) استكتامه الأسرار
عن أنس قال : أتى عليّ رسول اللّه وأنا ألعب مع الغلمان قال : فسلّم علينا
فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمّي .. فلمّا جئت قالت : ما حبسك ؟ .. قلت :
بعثني رسول وسلم لحاجة .. قالت: ما حاجته ؟.. قلت : إنّها سرّ .. قالت :
لا تحدّثنّ بسرّ رسول اللّه أحدا
[ رواه مسلم: 4533 ]
وعن ابن عبّاس قال : كنت غلاما أسعى مع الغلمان .. فالتفتّ فإذا أنا بنبيّ
اللّه خلفي مقبلا فقلت : ما جاء نبيّ اللّه إلا إليّ .. قال : فسعيت حتّى
أختبئ وراء باب دار.. قال : فلم أشعر حتّى تناولني فأخذ بقفاي فحطأني حطأة
( ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة ) فقال : اذهب فادع لي معاوية .. قال :
وكان كاتبه فسعيت فأتيت معاوية فقلت : أجب نبيّ اللّه فإنّه على حاجة
[ رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم ]
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها
( 1 ) تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة
( 2 ) الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصّات
الشّعر والحركات والمشي .. وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء
( 3 ) إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل والرّاحة والبطالة .. وقد قال عمر رضي الله عنه : اخشوشنوا فإنّ النّعم لا تدوم
( 4 ) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى .. فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجدّ
وفى الختام أرجو أن يوفقني الله في ما كتبت ويجعل خيره لي ولكم حجة لي لا على
وإن تجد عيبا فسدّ الخللا .. فجلّ من لا عيب فيه وعلا
عسى الله أن يصلح أحوالنا ويأخذ بنواصينا إليه ويرزق الأمة رجالا مؤتمنين
يحملون هم الأمة يذبون عن عرضها ويحفظون بيضتها وما ذلك على الله بعزيز
لكننا رغم هذا الذل نعلنها
فليسمع الكون وليصغى لنا البشر
إن طال ليل الأسى واحتد صارمه
وأرق الأمة المجروحة السهر
فالفجر آت وشمس العز مشرقة
عما قريب وليل الذل مندحر
سنستعيد حياة العز ثانية
وسوف نغلب من حادوا ومن كفروا
وسوف نبنى قصور المجد عالية
قوامها السنة الغراء والسور
وسوف نفخر بالقرآن فى زمن
شعوبه بالخنا والفسق تفتخر
وسوف نرسم للإسلام خارطة
حدودها العز والتمكين والظفر
// جمع وترتيب الفقير إلى الله / أبو مسلم وليد برجاس
ونقلته لكم